الثلاثاء - 26 أكتوبر 2021 - الساعة 11:04 م بتوقيت اليمن ،،،
مدى الثقافي/ متابعات:
تتناول الكاتبة الفلسطينية قمر عبدالرحمن، في روايتها ”كوفيد الأحلام“، العلاقات الاجتماعية في المجتمع الفلسطيني، وتأثرها بالعديد من الآفات السلبية، وكذلك من وجود فيروس كورونا، مسلطة الضوء على جانب من معاناة المرأة جراء ذلك.
وتدور أحداث الرواية الصادرة عن دار الرعاة وجسور الثقافية للنشر 2021، حول الفتاة حبيبة، التي عانت من فقدانها لأمها منذ ولادتها، حيث تتناول الكاتبة طفولتها، ودفء رعاية أبيها، لكنها وبعد زواجها يبدأ صراعها الاجتماعي مع الحلقة الأوسع المتمثلة بأهل الزوج، ويأتي فيروس كورونا ليكون الكاشف للباطن الإنساني، فيخذلها زوجها عنان، بالزواج من أخرى بعد اشتداد الأعراض عليها لمدة 3 أساببع، ظنا منه وأهلِه بأنها ستودع الحياة.
هذا البناء السردي يعرّف عن التحدي الذي تخوضه المرأة في المجتمع الفلسطيني والعربي، باعتبارها مكملة لحياة المجتمع، وليست أساسا فيه.
الشاعر السعودي غسان الخنيزي: اللغة هي موضوع الكتابةمكتبات ودور نشر عريقة تكافح لإبقاء أبوابها مفتوحة في دمشق
تفاوت
اعتمدت الروائية في بناء هيكلها الروائي على الحركة السريعة زمنيا، في عرض العلاقات في الجزء الأول من العمل، لكن في الجزء الثاني هدأ الإيقاع، وانتقلت بشكل واضح إلى القناعات الإنسانية ونقاشها، مثل الحب والتعلق والحسد وأثرها على حياة الإنسان، وقيمة حياة الإنسان، أما الجزء الثالث، فكان مبنيا على الحدث الطارئ، كورونا، وما ترتب عليه من انقلاب في الأحداث.
فاهتمت الكاتبة بتصفيف وعرض العلاقات من خلال صراع حركي خارجي، كما واهتمت بالصراع الداخلي المبني على إبراز الهوية الكامنة للشخصيات، وانتقلت لأثر التكوين الذاتي في بنية العلاقات الإنسانية، بفضح التفاصيل التي أعدت لها الكاتبة فيما قبل.
تقطيع
وبدت التقنية السردية عند الكاتبة بسيطة خالية من الغموض، واقعية، دون أي بعد خيالي، ولربما كانت مدينة الخليل الفلسطينية مسرح الحدث، قد شهدت واقعا مثل هذا الحدث.
فيما حاولت الكاتبة دمج الأحداث ببعد تاريخي للشخصيات، دون تعقيد وبلغة سلسة ونقية السرد، مع دمجها ببعض الخواطر الشعرية بين الفقرات.
كما اهتمت قمر عبد الرحمن بالتقطيع المشهدي للأحداث، مجيدة الربط بين الفصول التي كان عددها 20 فصلا، ممتدة على 181 صفحة من القطع المتوسط. وشهد التقطيع انتقالا سهلا ما بين الأحداث، حسب اهتمامات الشخصيات والبؤر التي ينطلق منها السرد في كل مرة.
لكن ما يؤخذ على الكاتبة، عدم التلميح حتى ثلثي العمل، أو التمهيد لوجود جائحة كورونا في الأحداث، وكانت المفاجئة بمرض حبيبة بكورونا غير مستساغة، فهو مقبول كحدث قالب للصراع في العمل، لا أكثر.
وتعتبر الرواية مزجا ما بين الجانب الاجتماعي والفكري في المجتمع الفلسطيني، بالوضع الطبيعي، وخلال الأزمات، حيث سلطت الضوء على التحديات التي تواجهها المرأة في المجتمع الفلسطيني بشكل اعتيادي، وتعرضها للتنمر والتقييد في جميع منحنيات الحياة.
عادات سيئة
وفي قطار السرد، تمر الكاتبة على بعض العادات الاجتماعية السيئة التي تؤثر على العلاقات الإنسانية، فترمي من خلال التناقضات شخصية نبيل، أبو حبيبة، والمتوسط في حال المعيشة، وبين أحد أقربائه من طبقة الأغنياء، مبرزة البغض الناتج عن ذلك وأثره في تفتيت التماسك الاجتماعي.
وتكتب عبد الرحمن ”إن علماء الصحة النفسية أجمعوا على أن الغرور من أعظم المفاسد الأخلاقية التي يتعرض لها الأفراد والمجتمعات. وهو داء يدل على نقص الفطنة وطمس نور العقل والبصيرة“.
وتميز الكتابة ما بين دور المرأة التقليدي في المجتمع العربي، بحيث تبقى ربة المنزل المحجوزة مدى العمر في منزلها، بلا دور جوهري يحقق لها ذاتها، ويوسع لها مداركها، من خلال العمل والتثقيف، كما تبين الروائية مدى اعتماد ذلك على الرجال في مجتمعاتنا، بحيث يكون هو المتحكم في هذا الدور الحيوي للمرأة، فهو من يدعم ذلك، أو يدفن حلمها في حياة مزهرة.
فتكتب ”الرجل هو مَن يحدد مكانة المرأة، هو مَن يرفع شأنها بعد الزواج، أو يقلل منه“.
مشاعر
وتركز الكاتبة على الفارق في العلاقات الإنسانية ما بين الحب بما يحمله من دفء وسعادة، والتعلق بما يحمله من حزن ووحدة، وتبين ميزة أن يكون الإنسان متوازنا في الأخذ والعطاء، بحيث يوفر الحب له مساحة من الأمان وسط عالم مليء بالمتاعب والآلام. كما وتبين أثر العلاقة غير الصحية على الفرد، بحيث يكون متعلقا بالآخر، يستمد منه قيمة الحياة برمتها.
وتضيف الكاتبة ”الشعور بالحب يعني الإحساس بالبهجة والسعادة بسبب وجود الأشخاص الذين يحبهم الفرد، بينما التعلق يعني شعور الإنسان بالاختناق والحزن إذا لم يكونوا هؤلاء الأشخاص حوله، في كل الأوقات وفي جميع الظروف المختلفة“.
تحديات
فيما تتناول الكاتبة قمر عبدالرحمن، فكرة أن تكون المرأة مثقفة وتحمل فكرا ورؤية للحياة، من خلال المثابرة، وفتح المساحات أمامها للانطلاق، دون قيود متعسفة من المجتمع.
فتقول ”على النساء أن يتعلمن فن الحب، وكيف يجعلن أنفسهن جذابات بالتعلم المستمر والثقافة والعطاء، لخلق جيل واثق ومتعلم، لكن كل هذا لا يحصل في الغالب في مجتمعاتنا، لأنه لا أحد يعطي النساء كتبا حتى لا تتفتح عيونهن على عالم جميل يزيد حياتهن الروتينية بهاء“.
كورونا أدبيا
وأوضحت الروائية خلال سردها، أثر جائحة كورونا على معنى الوجود الإنساني فيها، من خلال تفنيد عواطف الخوف والقلق، وهاجس الفقد، وانعدام الراحة في الحياة، بسبب القيود والمنع، كما وضعت تعريفا أدبيا للجائحة هو ”كورونا شيء صغير جدا حجم جميع البشر، هو شيء يرى ولا يُرى.. أعمى الجميع وحرمهم رؤية الأشياء كما كانت.. استطاع قلب حياتهم رأسا على عقب.. ولا يزال يقترب وقت ما يشاء ويبتعد وقت ما يشاء.. كلما شتمناه ازداد واتسع، وكلما تعايشنا معه قل وضاق“