الأحد - 01 مايو 2022 - الساعة 02:34 ص بتوقيت اليمن ،،،
مدى برس/ طاهر علوان:
وأنت تشاهد فيلم الحركة والمطاردات تحضر في الذهن أسئلة تتعلق بالشكل السينمائي والجدوى من كل تحول في الدراما الفيلمية وفي كل موقف تعيشه الشخصية وهي تطارد الخصم.
واقعيا، وكما هو معتاد، هنالك خصوم لا بد من خوض الصراع معهم والفوز فيه. أما ما عدا ذلك فلن يصمد الفيلم في الذاكرة متزاحما مع العشرات من الأفلام التي تنتمي إلى نفس النوع، وكثرتها نابعة من قربها من الجمهور العريض.
فيلم “سيارة الإسعاف” للمخرج المثابر مايكل باي ينتمي إلى هذا النوع، وهو الذي سبق أن شاهدنا له أفلاما حصدت نجاحا تجاريا ملحوظا، ومن أهمها سلسلة أفلام “المتحولون” التي قدم منها أربعة أجزاء ابتداء من العام 2007 وانتهاء بالعام 2017، فضلا عن الفيلم المعروف “أولاد سيئون” بجزأيه اللذين أنتجا في عاميْ 1995 و2003 على التوالي، ويحضر أيضا فيلمه المهم “أرماغادون” (1998) وفيلمه “الجنود السريون في بنغازي” (2016) وهو يمجد أبطال أميركا وهم يقومون بعمليات سرية لإنقاذ دبلوماسيين أميركان في ليبيا عقب الحادي عشر من سبتمبر.
أما هنا في هذا الفيلم فالقصة محورها شخصيتان بمثابة أخوين؛ وهما كل من داني (الممثل جيك غيلنهال) وويل (الممثل يحيى عبدالمتين). وها هما يبدآن العمل على سرقة بنك في لوس أنجلس الأميركية، وبالنسبة إلى ويل فإنه جندي سابق في الجيش الأميركي وهو يأتي إلى أخيه شاكيا عجزه عن تغطية نفقات إجراء عملية جراحية لزوجته التي تم تشخيص إصابتها بالسرطان، ولهذا يجد له أخوه حلا وهو المشاركة في سرقة البنك.
تسير الدراما منذ البداية وفق هذا المسار، لكن الأمر ما يلبث أن ينقلب إلى مواجهة درامية طويلة ومطاردات مشوقة مع رجال الشرطة، إذ لم تسر العملية في المسار الذي تم التخطيط له.
في موازاة ذلك هنالك سيارة الإسعاف التي فيها المسعفة كام (الممثلة أزا غونزاليس) التي تكون منهمكة بإنقاذ طفلة تعرضت هي وأسرتها لحادث، حيث المعروف عن المسعفة كام مهارتها الفائقة في مساعدة المصابين وإبقائهم على قيد الحياة قدر المستطاع وبأقل الضرر إلى حين وصولها إلى المستشفى، وبسبب ذلك الإخلاص والاندفاع تجدها تذهب إلى جهة صوت إطلاق الرصاص الذي يقع في محيط البنك الذي سطا عليه الأخوان داني وويل وعصابتاهما، وبذلك يلتقي خطا السرد الدرامي وتصبح كام جزءا من المغامرة.
خلال ذلك يحشد المخرج -الذي قدم أقصى خبراته في أفلام الحركة- الأحداث ولا يتوانى عن الاهتمام حتى بالتفاصيل الصغيرة، حيث يدخل شرطي إلى البنك بغرض التعبير عن إعجابه بموظفه فيقع في شراك عصابة السرقة، ولهذا يتم إطلاق الرصاص عليه لتتلقفه المسعفة كام وتبدأ الرحلة.
يقود كل من داني وويل سيارة الإسعاف فيما تقوم كام بإسعاف الشرطي وصولا إلى تطوع ويل بالتبرع بالدم لصالح الشرطي الذي يقوم داني بإسعافه، وخلال ذلك تتحول المطاردات إلى حدث تتناقله شاشات التلفزيون وتتدخل الطائرات المروحية فيما الأخوان يصارعان بعضهما البعض بسبب ميل ويل إلى السلم وعدم قتل أي أحد، لكنه يواجه بشراسة من قبل داني الذي يميل إلى العنف والانتقام.
ويقدم الفيلم صورة جندي المارينز أو المحارب السابق الذي خرج من الحرب بذكريات قاسية ليعود إلى بلاده وليغرق في المعاناة ومصاعب الحياة والعجز عن تغطية نفقات علاج الزوجة، وهو ما سوف يتطور دراميا من خلال تشبث ويل بأمل أن يخرج من تلك المعركة بالمال وليس غير المال لإنقاذ الزوجة، وهو ما سيفعله فيما هو يكاد يلفظ أنفاسه وهو يسلم المسعفة جزءا من المال المسروق لتدسه في عربة الطفل.
واقعيا نجح المخرج في تقديم فيلم حركة ناجح ومتميز زج فيه كل عناصر التشويق المتاحة على الرغم من وجهات النظر النقدية التي تشبه الفيلم بالوجبات السريعة التي تعزز الطاقة لكنها لا تغذّي بما فيه الكفاية؛ فالفيلم نجح في التصعيد والتشويق ومشاهد حبس الأنفاس ومشاهد السيارات التي تتطاير في الهواء وقدم مغامرات كثيرة في مقابل مواقف مختلطة فيها ما هو إنساني ومؤثر وفيها ما هو على درجة عالية من العنف.
في المقابل بدا الجانب العاطفي في علاقة الأخوين داني وويل علامة فارقة ومؤثرة في مسار تلك الدراما الفيلمية، لاسيما مع الوصول إلى مشاهد الموت وإصابة داني برصاصة من شقيقه لإيقاف تهوره وإنقاذ الشرطي والفتاة المسعفة، وهو ما عزز مساحة الفعل الإيجابي بالنسبة إليه وأنهى تلك المغامرة الطويلة.
وحشد العمل أغلب عناصر فيلم الحركة الناجح سواء على صعيد التصوير أو من ناحية الخدع السينمائية ومشاهد المعارك والمونتاج والانفجارات وغيرها، وبذلك قدم توليفة مشوقة حملت معها أيضا نمطية على صعيد الثيمة والموضوع، إذ يشار إلى أن فكرة الفيلم برمتها هي نفسها أو قريبة من فيلم دنماركي يحمل العنوان ذاته، لكن المخرج قدم في هذا الفيلم خلاصة تجاربه وخبرته الطويلة في هذا النوع من الأفلام.
المصدر: العرب اللندنية