الخميس - 12 مايو 2022 - الساعة 09:53 م بتوقيت اليمن ،،،
مدى برس/ متابعات:
تنظم جمعية المبدعات العربيات بمحافظة سوسة التونسية الدورة الرابعة والعشرين من ملتقى المبدعات العربيات من الثاني عشر إلى غاية الرابع عشر من مايو الجاري تحت عنوان "الثالوث المحرم في إبداع المرأة العربية".
تنطلق فعاليات الدورة الجديدة من الملتقى صباح الخميس بكلمة الافتتاح وتلاوة الورقة العلمية للملتقى، ثم تنتظم الجلسة العلمية الأولى برئاسة الأكاديمي رضا بورخيص وفيها مداخلة الباحثة رفيقة البحوري من تونس بعنوان "إسقاط الأقنعة: الغواية والمعاناة"، تليها مداخلة الناقدة مريم جبر من الأردن حول "التطرّف الديني في الرواية النسوية العربية"، ثم تقدم ليلة ناسمي من المغرب مداخلتها حول "الخطاب الأدبي ومظاهر اختراق المسكوت عنه".
أما الجلسة العلمية الثانية للملتقى، الذي يقام تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية وبدعم من المندوبية الجهوية بسوسة، فيقدم خلالها المبدعان جليلة بكار والفاضل الجعايبي "شهادة بصوتين حول الثالوث المحرم في أعمالهما المسرحية".
إثر ذلك تقدم سوسن ديكو من سوريا مداخلة بعنوان "الثالوث المحرم في إبداعات المرأة العربية: قراءة إبستيمولوجية"، ثم تعرض وفاء البوعيسى من ليبيا ورقتها حول "التطرّف الديني، نتيجة الواقع أم النص؟ مقاربة في ظاهرة العرب الأفغان برواية فرسان السعال". لتختتم فعاليات اليوم الأول بمائدة مستديرة "الثالوث المحرم في رواية 'نازلة دار الأكابر' لأميرة غنيم" بإدارة الكاتبة والناقدة آمنة الرميلي.
وتلتئم الجلسة العملية الثالثة الجمعة الثالث عشر من مايو، وتشهد مشاركة آمنة الرميلي بمداخلة بعنوان "ما الذي بقي محرّما من الثالوث المحرّم في كتابات المرأة العربية؟ قراءة جندرية" ثم تتحدث الباحثة رشا سمير من مصر عن "الثالوث المحرم في حياة بطلات روايتيْ (جواري العشق) و(سألقاك هناك)" تليها مداخلة الأكاديمية سلوى العايدي من تونس حول "الإبداع المؤنث والثالوث المحرّم: قراءة تحليلية لأعمال فنانات تشكيليات تونسيات".
كما تقدم الشاعرة راضية الشهايبي من تونس مداخلة بعنوان "كيف تتحرّر الكاتبة من الثالوث المحرّم دون أن تتمرّد" بينما تتناول رجاء بن منصور من الجزائر في مداخلتها قضية "الخطاب النسوي وسؤال الهوية بين قيود الواقع ولا حدود المتخيّلّ".
أمّا الجلسة العلمية الرابعة وفيها مداخلة لنسرين شعبوني من تونس تليها مداخلة كريمة بن سعد حول "الثالوث المحرّم في الفن التشكيلي: قراءة في عدد من التجارب التشكيلية العربية النسوية"، ثم سهام بلخوجة التي تقدم "ملحمة الأجساد الحالمة" لتكون السهرة شعرية مع ونفيسة التريكي وراضية الشهايبي وآمنة الرميلي ومحمد أمين بن علي والأسعد شبشوب.
أما اليوم الأخير من المهرجان السبت الرابع عشر من مايو، فيشهد جلسة علمية تقدم خلالها ليندا عبيد من الأردن مداخلة حول "تحولات الذات الأنثوية في رواية السيرة الذاتية النسوية، رواية خارج الجسد أنموذجا"، تليها ريما عوّام من لبنان في شهادة بعنوان "الثالوث المحرّم في لوحاتي"، ثم خديجة المكشّر من تونس في مداخلة بعنوان "أخفي عنّي هؤلاء النساء اللاتي لا أجرؤ على رؤيتهنّ" فعرض فيلمها "بلبل" ثم مناقشة الفيلم مع الفنانة فاطمة بن سعيدان فاختتام الملتقى وتوزيع الشهادات على المشاركات.
ويشهد الملتقى أنشطة موازية وهي معرض للفنّ التشكيليّ بمشاركة لكريمة بن سعد وسلوى العايدي من تونس وريما شامل عوام من لبنان، فضلا عن رحلة ترفيهيّة ثقافيّة لزيارة معالم أثريّة بجهة الساحل بالشراكة مع جمعيّة الأندلس للثقافة والفنون.
والثالوث المحرم أو المسكوت عنه أو التابو، كما يقول الناقد السوري مفيد نجم، مصطلحات شاع استخدامها في الثقافة العربية في العقود الماضية، ويقصد بها محرمات السياسة والدين والجنس، التي مارست أجهزة الرقابة العربية سلطة المنع والمصادرة والحذف من خلالها، حتى أصبح الكاتب عاجزا عن مقاربة هذه الموضوعات تلميحا أو تصريحا، خوفا من سلطة هذه الرقابة.
وفي واقع المرأة العربية لهذا الثالوث المحرم سطوة أكبر وحضور أقوى وأعنف، بما تكرسه المجتمعات الأبوية والذكورية من تضييق على حياة المرأة، وليست المرأة المبدعة بمعزل عن هذا، وقد تناولت نصوص الكثير من الكاتبات وأعمال إبداعية لنساء عديدات هذه "المحرمات"، في خرق لحجاب الكبت والإخفاء.
وقد واجهت الرواية العربية مثلا هذا القمع بشجاعة منقطعة من قبل أقلام نسائية ونسوية كثيرة، ساهمت في تكريس التحول النوعي في الأدب العربي، وفي استنطاق واقع المرأة على لسان المرأة، وإن شابت بعض هذه الأعمال انفعالات الغضب والكبت ومحاولات كسر القيود بأي طريقة كانت، فإنها نجحت على الأقل في فتح مساحات كتابية مختلفة، أعادت للمرأة صوتها المحوري ومنحت فضاءات الإبداع تصورات أخرى غير تلك التي يخطها الرجل أو يكرسها المجتمع.
وتمكنت إبداعات النساء من أن تُعيد بناء الموروث وتفكّك متعالياته الفكرية والأيديولوجية والجمالية كتابة وتخيّلا وإنجازا.
وتعتبر العودة إلى مثل هذه النقاشات التي لم تتجاوزها الثقافة العربية بعد الانتكاسات الخطيرة في واقع المرأة التي سببتها الحروب والصراعات الأهلية والتهجير واللجوء والأزمات الاقتصاديّة، وهو ما انعكس على المرأة ككل والمرأة المبدعة بصفة خاصة، إذ عادت إلى نوع من الرقابة حتى الذاتية في بيئة معادية لا تتوانى في تهديد حياتها حتى لرأي مخالف أو صورة ما.
