تفاصيل

السبت - 08 فبراير 2020 - الساعة 06:37 م بتوقيت اليمن ،،،

مدى الثقافي/خاص / علي عبد الله العجري:



ابتداءً وحسب تعريف الموسوعات "القراءة عملية معرفية تستند على تفكيك رموز تسمى حروفاً لتكوين معنى، والوصول إلى مرحلة الفهم والإدراك. وهي جزء من اللغة التي هي وسيلة للتواصل أو الفهم. وتتكون اللغة من حروف وأرقام ورموز معروفة ومتداولة للتواصل بين الناس. فالقراءة هي وسيلة استقبال معلومات الكاتب أو المرسل للرسالة واستشعار المعنى المطلوب، وهي وسيلة للتعلم والتواصل مع الثقافات والحضارات عن طريق استرجاع المعلومات المسجلة في المخ، والمعلمة من قبل على شكل حروف وأرقام ورموز وأشياء أخرى"، وقد تكون تلك الحروف والرموز مدونة في كتاب ورقي أو على شاشة الكمبيوتر أو على شاشة الهاتف الجوال، ومن هنا يأتي التساؤل: ما الفرق بين القراءة من الورق ووسائل التكنولوجيا الحديثة، هل استفادت القراءة أم خسرت؟

> القراءة متأثرة بالتوالي الحضاري

الكاتبة والشاعرة السورية/ ميَّادة مهنَّا سليمان تشارك معنا للإجابة على تلك التساؤلات وتقول: قديمًا كانت الكتابات عبارة عن مخطوطات ثم تطوّرت ليظهر الكتاب الذي كان ينشر عن طريق النّسخ اليدويّ، ثمّ حدثت ثورة في مجال النّشر، عنما اخترع الألمانيّ يوهان جوتنبرج آلة الطّباعة، ومنذ القرن الخامس عشر إلى الآن لم يتغيّر الكثير في مجال نشر الكتب، فطريقة النّشر أساسا تلك المستخدمة اليوم.

(القراءة من الكتاب الورقيّ إلى الإلكترونيّ) أثار هذا الموضوع الكثير من الجدل بين القرّاء والمثقّفين وأصحاب دور النّشر، فهناك فريق يدافع عن الكتاب الورقيّ بأنّه هو الأصل والإلكترونيّ ما هو إلّا امتداد طبيعيّ للحضارة الورقيّة، وما يؤكّد ذلك هو لجوء الباحثين للكتب المطبوعة كمصادر للبحث والدّراسة، وفريق آخر يرى أنّ الكتاب الإلكترونيّ هو المستقبل. وعلى الرغم من انشغال الناس في الآونة الأخيرة بالتّطوّرات التّكنولوجيّة الّتي شهدناها إلّا أنّ الكتاب الورقي ما زال ذا أهميّة كبيرة للإنسان، فمهما كان المصدر الذي نحصل على المعلومات منه فإنّه لا يضاهي الكتاب، فقراءة صفحات الكتاب تجعلنا نشعر بمعاني المفردات الّتي نقرؤها، "والكتاب خير جليس، وأفضل ونيس، وهوَ نِعمَ الذّخر والعدّة، ونعمَ المؤنس ساعة الوحدة"، ولكن لا نستطيع نكران فضل الكتاب الإلكترونيّ، ففي ظلّ الثّورة الرّقميّة الّتي يشهدها العالم في هذا القرن، تحوّل الكتاب من شكله الورقيّ إلى شكله الإلكترونيّ، وانتشر انتشارًا واسعًا بين القرّاء والكُتّاب ولا سيّما مع ابتكار شاشات لهذه الكتب تُضاهي الصّفحات الورقيّة للكتب التّقليديّة، فصار بالإمكان قراءة محتويات الكتاب على أجهزة الحاسب المكتبيّة، والمحمولة، أو الأجهزة الكفّيّة، أو باستخدام أجهزة مخصّصة لذلك ، مثل: "آي فون"، و"آي باد"، و"أندرويد"، وأجهزة "ماك".

ولا شكّ أنّ لكلا النّوعين من الكتاب الورقيّ والإلكترونيّ فائدته، ودوره ومزاياه.

فمن المزايا والفوائد التي يتميّز بها الكتاب الإلكترونيّ عن الكتاب الورقيّ:

▪قلّة التّكلفة، حيث توفّر الكتب الإلكترونية تكاليف الطّباعة، والحبر، والورق، ومصاريف النّقل والشّحن، ويكون في متناول الملايين من النّاس بأسهل الطّرق.

فهو أرخص في الإنتاج، وأرخص في الشّراء، وبعضها مجّانيّ، حيث تسمح العديد من المكتبات العامّة على الإنترنت للقرّاء بقراءة وتحميل الكتب.

▪سهولة حمله ونقله عند السّفر والارتحال، وتخزين الآلاف منه في حيّز صغير جدًّا، مقارنةً مع الحجم الّذي يشغله الكتاب الورقيّ، مع إمكانيّة تداوله بسهولة وسرعة فائقة حول العالم، دون التّقيّد بالحدود الرّقابيّة الّتي تفرضها بعض الدول.

▪سهولة الوصول لأيّ كتاب بأيّ لغة في أيّ مكان من العالم، بخلاف الكتاب الورقيّ الّذي قد يبذل المشاقّ الكثيرة للوصول إليه إذا كان مطبوعًا في بلد آخر.

▪سهولة البحث والنّقل والنّسخ، حيث يمكن نقل كتاب إلكترونيّ في دقائق أو ثوانٍ معدودة، بخلاف النّسخ والنّقل من الكتاب الورقيّ.

▪إعارة الكتاب الورقيّ تكتنفه الكثير من الإشكالات، من خشية الضّياع والتّمزّق والإهمال... وكل هذا قد سلم منه الكتاب الإلكترونيّ.

ومع ذلك فلا يخلو الكتاب الإلكترونيّ من بعض السّلبيّات، ومن أبرزها: ضياع حقوق المؤلّفين، ودور النّشر نتيجة التّوزيع غير الشّرعيّ لنسخ الكتاب الإلكترونيّ.

ثانياً: وفي مقابل ذلك فإنّ للكتب الورقيّة مزايا ومن أهمّها:

▪قراءة الكتاب الورقيّ أكثر راحة، ففي قراءة الكتاب الورقيّ متعة لا يشعر بها من يقرأ الكتاب الإلكترونيّ.

▪الكتاب الورقيّ يبني علاقة حميمية، وصلة وثيقة، بين القارئ والكتاب وهذا ما لا يوفّره الكتاب الإلكتروني.

▪الكتاب الورقيّ لا يتوقّف على توفّر الكهرباء أو أجهزة الحاسب، أو الاتّصال بالإنترنت.

▪الكتاب الورقيّ أكثر راحة للعين من الإلكترونيّ، فالقراءة لساعات طويلة من جهاز إلكترونيّ تسبّب إجهادًا للعين.

> الكتاب الإلكتروني سيلان معرف

الشاعر والناقد/علي أحمد عبده قاسم، له زاويته التي ينظر منها لموضوع القراءة: "يروق لي جداً القراءة من الكتاب الورقي، فأجد فيه ضوع الحبر ورائحة الصفحة، ولي مع الكتاب الورقي حياة لا أجدها في الكتاب الإلكتروني الذي يشتت خيالي ويعد انفجاراً غير مقنن ومنظم، وإن كان الاختيار متاحاً إلا أنه سيلان معرفي لا يعطي الروح التنظيم والترتيب والتركيز، وإن كان الكتاب الإلكتروني قلل من أهمية الورقي وصنع له جماهيرية ومتابعة، وسهل الكثير من المعاناة على الباحثين والقراء وأصبح في متناول الجميع إلا أنني أفضل الكتب الورقية قراءة واقتناءً، ولا أستغني عن الكتاب الإلكتروني الذي يعد ثورة معرفية تضاف إلى ثورة الطباعة والمطبعة لقربه من القارئ وسهولة الرجوع إليه إبان الحاجة له.

ويظل كلا الكتابين من الأهمية بمكان فكلاهما يقدم خدمة معرفية ثرية للقارئ وللفكر إلا أن الكتاب الورقي لون التربية في الأعماق ومحتوى الفكر الإنساني المحفوظ في الرفوف وفي خزانات الكتب، وأظن أن الكتاب الإلكتروني لا يكون كذلك بعد أن يكون مطبوعاً ورقياً ومنشوراً بعدها الكترونياً.

> الكتاب الإلكتروني أفاد القراء

دليل المعمري، طالب سنة رابعة بجامعة عدن قسم الصحافة والاعلام يقول: بالتأكيد أفادت التكنولوجيا القراء بشكل كبير، تكنولوجيا الهاتف سهلت عملية القراءة للكثير من القراء ومحبي الثقافة والاطلاع والمتابعة، تكنولوجيا الهاتف النقال وخاصة الحديثة ممن تدعم ملفات الكتب الإلكترونية بصيغه المختلفة؛ سواءً ال pdf أو ال Word تعد خدمة إيجابية وممتازة لأنها محفوظة بالهاتف ولا تحتاج مساحات كبيرة للتخزين، فهي دوما تكون مرافقة للقارئ وبأي وقت تسنت له القراءة، باستطاعته فتح جهازه، بعكس ما تحتاجه عمليه قراءة الكتب الورقية، حيث يصعب على هواة القراءة أو من يحبون القراءة أن يحملوا كتبا ورقية معهم في كل الأوقات، فإذا أراد القراءة يجب أن يعود إلى المكتبة المعينة أو إلى البيت محل تواجد الكتاب المعين، وبلا شك القراءة من الهاتف مفيدة وسهلة وخدمة إيجابية، صحيح أنها لا تمتاز بتلك المذاق والمتعة التي تجدها أثناء تصفحك للكتاب الورقي ووجودك بين معلوماته، إلا أنها جيدة، وأفادت غالبية القراء.

توجد قليل من السلبيات في القراءة من الجهاز أو التلفون خاصة في حال تعدد مواقع التواصل الاجتماعي على جهاز وشبكة النت المفتوحة بشكل واسع، والبرامج الكثيفة على الجوال مما تعمل على تشتت ذهن القارئ وخروجه من مضمون القراءات إلى هنا أو هناك في مواقع التواصل أو متصفحات الشبكة.. لكنه بإمكانه أن يحصر أفكاره بغلق شبكة النت وبقائه مع القراءة فقط، وتبقى القراءة من الكتاب الورقي لها طقوس معينة ومتعة لا تجدها في الكتاب الالكتروني..

>الكتاب الورقي أفضل

علياء الحماطين، مذيعة بإذاعة بندر عدن ترى أن القراءة من الكتاب الورقي أفضل: التكنولوجيا لا لم تخدم القراءة. الكتاب الورقي يظل الأفضل، والقراءة منه تقوم بدروها الكامل في تغذية العقل، خلافاً للقراءة الإلكترونية. فالأولى ليس لها أضرار على العين مقارنة بالأضرار التي من الممكن أن تصيب الشبكية بسبب ضوء الهاتف المحمول مثلاً. كما أن للكتاب الورقي متعة أفضل بكثير من متعة القراءة الإلكترونية.

من خلال ما تقدم من الآراء يتضح أن القراءة ماضية في سبيلها بمختلف الوسائل التقليدية منها كالكتاب الورقي أو عبر المحتويات الحديثة تكنولوجياً ورقمياً. ولكل وسيلة مميزاتها. لكن حميمية الكتاب الورقي تظل ضاربة في الوجدان. وكما قيل قديماً: وخير جليس في الزمان كتاب.