تفاصيل

السبت - 28 مارس 2020 - الساعة 05:56 م بتوقيت اليمن ،،،

مدى الثقافي/ تحقيق/ علي صحن عبدالعزيز*:


اعتمد فن الكاريكاتير على اصطياد الفكرة وعرضها بشكل ساخر وناقد في آن واحد، ولم تخل صحافتنا المحلية والعالمية من هذا الفن الجميل، وهو يرصد كل تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين منها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وكافة الجوانب الأخرى وكل سلبية، ولكن سرعان ما انحسر الرسم الكاريكاتيري وذابت معه الكثير من الطاقات.

(مجلة المنار الثقافية الدولية) توجهت إلى نخبة من رسامي الكاريكاتير لتطرح عليهم بعض الأسئلة، ما هي الأسباب التي أدت إلى عدم تبني الصحف والمجلات هذا الفن، وهل تعتقد بأن هنالك أسبابا أخرى تتعلق برسام الكاريكاتير، ولماذا لم يتم إيلاء مساحة أكبر في الصحف وخصوصاً أن هنالك جمهورا واسعا لمتابعته، وما هي مناشدتك لغرض إعادة الحياة له؟

> الفن المشاكس

حمودي عذاب، رسام الكاريكاتير- العراق: مع الأسف نتيجة الفهم الخاطئ لدى سياسيي الصدفة الذين جعلوا هذا الفن الجميل في خانة السخرية والتجريح حتى يطمطموا على سرقاتهم وخذلانهم وعدم مصداقيتهم تجاه هذا الشعب الجريح الذي يعاني من التهميش، ونتيجة الصحف الحزبية التي هيمنت على الصحافة الوطنية، وإرسال أفكارها المسيسة من خلال توجهاتها الطائفية، حيث كانت هذه الصحف تتقصد بعدم نشر الكاريكاتير العراقي وتلجأ للمواقع الإلكترونية لكي تحصل على كاريكاتير عربي أو عالمي يخدم أحزابهم خوفا من الكاريكاتير العراقي كونه فنا مشاكسا ولا يجامل على حساب العراق، لذلك أصبح رسام الكاريكاتير في العراق يفكر بالهجرة إلى بلدان تهتم بهذا الفن الراقي، أغلب رسامي الكاريكاتير العراقيين هاجروا العراق في زمن النظام السابق عندما كان التهميش مقصوداً لدى الطغمة الحاكمة آنذاك اليوم، ورسام الكاريكاتير اليوم يعاني نفس معاناة السابق، بالوقت الذي كنا نعتقد أن التغيير الذي حصل سنة 2003 سيعطي فرصة كبيرة لرسام الكاريكاتير العراقي، لكننا شهدنا العكس، فإذا كان الكاريكاتير سابقاً يعرج فهو الآن يحبوا.

> مشكلة رؤساء التحرير

كريم كلش، رسام كاريكاتيري - العراق: فن الكاريكاتير لا يمكن أن يعيش إلا في حضن الصحافة ورعايتها، وبالتالي ينتعش بانتعاشها وينحسر بتقلصها وترى الصحافة فن الكاريكاتير موضوعاً كاملاً يُغني عن آلاف الكلمات، وقد كان لهذا الفن دور كبير في إسقاط حكومات، حيث نرى اليوم الحرية والديمقراطية بقتل رسام الكاريكاتير أو تهديده، ونتيجة لذلك قلت مساحته في الصحف أو اختفت أحياناً، وهنالك جانب آخر وهو قلة الاهتمام والأجور، وعدم إدارة الصحيفة لمجموعة فناني الكاريكاتير، بالإضافة إلى ندرة المعارض والمنافسات المحلية ومحاصرة الرسامين بعبارة (غير صالحة للنشر)، كل هذه العوامل ساعدت وبسرعة على إحباط معنويات رسامي هذا الفن وحولتهم من رسامين إلى سائقي تاكسي ونجارين وحدادين وبائعي السكائر، وأقول بصراحة إذا لم نجد الحل لمشكلتنا، فإنني أتوقع في يوم ما ستفرغ صحافتنا من رسامي الكاريكاتير، أما عن سبب انحساره، فهو يعود إلى إدارات رؤساء التحرير في صحفنا ومجلاتنا، لأنه لا توجد مبادرة جادة لدعوة واستقطاب واستقلال الطاقات لدى رسامي هذا الفن التي تنتظر من يفجرها من خلال دعوتهم للعمل في صحفهم وتشجيعهم مادياً ومعنوياً، وتخصص حسابات مناسبة وثابتة لهم، مثل بعض الصحف والمجلات التي ازداد عدد الصحف أكثر (480) صحيفة في العراق بعد الاحتلال الأمريكي، ونتمنى من بعض رؤساء الصحف والمجلات أن تسد الفراغات بهذه الرسوم، ويا زميلي أقول لك للمرة الثانية، بأن رسام الكاريكاتير هو فنان (نادر) وعددهم في العراق لا يتجاوز أكثر من عشرين رساماً، ولذلك فهم ثروة نادرة يصعب التفريط بها، وقتلهم من خلال سد باب الصحافة بوجوههم، لذا فالتعاون بين إدارات الصحف ورسامي الكاريكاتير مطلوب في هذه المرحلة لإخراج فن الكاريكاتير من سباته وتخصيص مساحات مناسبة في صحفنا لهذا الفن الرائع والساخر المطلوب من قبل القراء، وأنا لست من يعلق السبب على شماعة الظروف المادية وتقليص حجم صفحات الصحف، فهذا لا يمنع من نشر الرسوم الكاريكاتيرية، بل العكس إن دورها المتميز والفعال يكون في مثل هذه الظروف، نتمنى من منبركم الإعلامي الغراء أن تحذو حذو الصحف العربية والأجنبية في إيجاد مساحة، وأن لا ينحسر على بعض القلة من الصحف.

> إثراء الصحيفة

الرسامة ميرنا كميل شعيا - لبنان: الكاريكاتير التحريري هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن عن طريقها التعبير عن فكرة أو وجهة نظر بواسطة الصورة والكلمة، إنه تعبير غرافيكي وفني له طابع صحافي مهم للغاية في المقام الأول، وهدفه طرح وجهة نظر صحافية حول أكثر الأحداث والتطورات أهمية.

كما يمكن اعتباره فتحاً للعقل معبراً عنه بلغة الرسم التي تتسع وترمز معها رقعة المعلومة، وكذلك الخيوط
المخفية للأحداث فضلا على أن حضوره يثري وينعش الصحيفة، بينما غيابه يضعف ويفقر ويحبط القارئ،
مع الأخذ بالاعتبار بأنه يتمتع بقوة تعبيرية هائلة وتتبنى وتختزل كل ما يقف وراء المعلومة، فمنذ مطلع القرن التاسع عشر أعطيت أهمية كبيرة لهذا الكاريكاتير كنوع صحافي قائم بذاته، إذ إن فكرة الكاريكاتير الجوهرية والقائمة على السخرية موجودة بقوة في أجناس أدبية منذ فجر التاريخ، فالجاحظ والفرزدق وابن الرومي كانوا رسامي كاريكاتير، ولكن في جميع الأحوال فإن هذا الفن يكاد ينقرض وأصحابه انكفأوا إلى المتاحف، وكان (هنري برغسون) الحائز على
جائزة نوبل وصاحب رواية (الضحك) هو أول من بدأ بالتفاعل مع الكاريكاتير الشخصي الحقيقي وذلك مع نهاية القرن التاسع عشر، حيث بدأ يصرح بأن هذا النوع من الرسم ينطوي على محاولة لالتقاط روح وحياة النموذج بأبسط طريقة ممكنة، وعليه يمكننا القول بأنه مهما تضاربت الآراء حول الكاريكاتير وأهميته من الناحية السياسية والاجتماعية، لا يمكن القفز عن حقيقة حضوره القوي والمحبب في قلوب الناس، حيث يتسلل كنسمة عذبة دون الحاجة إلى أن يطرق باب المتلقي، بعد أن بات يشكل إحدى مفردات حياة الناس اليومية.

> المقدرة على النقد

رزان أحمد - سوريا: الكاريكاتير (CARICATURE) هو فن ساخر من فنون الرسم وصورة تبالغ في إظهار تحريف الملامح الطبيعية أو خصائص ومميزات شخص أو اسم ما بهدف السخرية أو النقد الاجتماعي، لذلك فهو يعتبر فنا له القدرة على النقد بما يفوق المقالات والتقارير الصحفية، وقد اعتدنا عند تصفح الصحف أو المجلات عادة ما نبحث ونقلب الصفحات وصولاً إلى صفحة الكاريكاتير وشرود نظرنا في هذه الرسومات بين فهمنا لما قصده الفنان من الرسم وبين السخرية، على ما تم التعبير عنه بطريقة مضحكة وقريبة من تفكير القراء، ولكن اليوم وبعد التطور الكبير الذي حصل على مواقع التواصل الاجتماعي، نرى الأكثرية العظمى من البشر اتجهت نحو المواقع مثل الفيسبوك والإنستغرام وغيرهما من المواقع التي تحمل في غالب منشوراتها فن الكاريكاتير المتمثل بصور جاهزة وعبارات سخرية لا أكثر، مما أدى إلى هدر طاقات كامنة وتوقف الأيدي عن الرسم وانشغالها في فنون الكاريكاتور الإلكتروني، مما أدى إلى ترك مساحات كبيرة وواسعة في الصحف والمجلات تنادي لرساميها ولكن دون جدوى (لا تناد ليس هنالك أحد)، لفن الكاريكاتير جمهوره الذي يتذوقه، لذلك يعتبر من الصعب متابعته والتمتع به عبر مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا في الآونة الأخيرة، فنرى أن الفنون لم يعد لها وجود مثل الأول فهي أصبحت عبارة عن نسخ ولصق إلا ماندر منها، ولذا باستطاعتنا أن نستغل هذه المواقع لصالح الترويج والدعوة لتفعيل دور الكاريكاتير، وذلك من خلال حملات تدعو إلى مشاركة فناني الكاريكاتير والفنون الجميلة في معارض ومهرجانات مشتركة، وخلق روح التنافس فيما بينهم، لعرض فنهم ولوحاتهم وأفكارهم المخبأة لينالوا حقهم من الاهتمام والدعم في ظل هذا الزخم الإعلامي المنتشر والمتطور الآن.

* المنارة الثقافية الدولية