نافذة على السياسة

السبت - 20 يونيو 2020 - الساعة 01:50 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن/ مدى برس/ خاص:


تتصاعد الدعوات التي يطلقها ناشطو حزب الإصلاح الإخواني والمطالبة بتدخل تركي مباشر في اليمن، ويسارع ناشطو الإخوان إلى اتهام كل من يعادي أردوغان وسياساته الاستعمارية بأنه يعادي الإسلام، فهم لا يزالون يصفون تركيا بأنها دولة الخلافة الإسلامية، وبأن أردوغان هو خليفة المسلمين، وهذا ما يستدعي أن نفتح ملف المثلية الجنسية في تركيا، كواحد من الملفات التي تفضح حقيقة تعامل أردوغان وحزبه مع التعاليم والقيم الإسلامية.

ومن المفارقات العجيبة أن زواج المثليين لا يزال ممنوعاً بل ومُجرَّما بنظر القانون في دولة ”روسيا” التي يصفها الإخوان المسلمون بالدولة الشيوعية الكافرة، بل وما زال الرئيس بوتين يؤكد في أكثر من مناسبة أنه لا بد من الحفاظ على كيان الأسرة، وأنه لن يسمح بزواج المثليين ما دام رئيساً لروسيا، بينما زواج المثليين بات مباحاً وفقاً للقانون التركي بل ومنتشراً في الدولة التركية والتي شرعت لهذا الفعل في ظل حكم حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، وهو الحزب الذي يقول إنه ذو توجه إسلامي.

هذه المفارقة تكشف عن الدعم اللا محدود الذي تلقاه المثليون جنسياً من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي ازدهرت في عهده النشاطات المختلفة للمثليين جنسياً كانعكاس للدعم الذي حظيت به هذه الفئة من أردوغان وحزبه الإسلامي.

وقد ظهر باكراً دعم أردوغان لفئة المثليين، فقد تعهد خلال حملته الانتخابية بحماية حقوق المثليين، داعياً إلى مشاركتهم في الحياة العامة، وهي الوعود التي أوفى بها أردوغان بعد فوزه، حيث شهدت تركيا في ظل حكم أردوغان تحولات جذرية في حياة هذه الفئة.

أردوغان عبَّر عن موقفه الصريح الداعم للمثليين جنسياً خلال إجابته على سؤال وجه له في أحد المؤتمرات في شهر أغسطس 2014، حيث أجاب حول مدى موافقته على الاعتراف بحقوق المثليين في تركيا بالقول: "من الضروي أن نعترف بحقوق المثلية، وينبغي أن تكون محمية حتى من قبل القانون في ضوء حقوقهم وحرياتهم، وأرى أن المعاملة التي يواجهها المثليون من وقت لآخر في مشاهدة التلفاز غير آدمية".

في العام 2014 وبمباركة من ”خليفة المسلمين” رجب طيب أردوغان تم في تركيا أول زواج علني لرجلين مثليين هما أمر الله طوزون -28 سنة- وأكين كاسار -21 سنة-، وفي نفس العام أيضاً تزوج القنصل الأمريكي بإسطنبول تشارلز أف هينتر من الشاب التركي رمضان تشايسفر، لتشهد البلاد بعد ذلك العديد من احتفالات الزفاف الخاصة بزواج المثليين.

في يونيو 2014 نجحت منظمة "LGBT"، المناصرة لحقوق المثليين حول العالم، تنظيم أضخم مسابقة لاختيار ملكة جمال المثليين جنسيًا، وتم فتح باب التقديم بحماية من السلطات التركية، وخلالها تم اختيار المتسابقة "يانقي بيرام أوغلو"، كملكة جمال المثلية، كما دشنت المنظمة أسبوعاً عُرف باسم "الحرية الجنسية" في مدينة إسطنبول، وشارك فيه آلاف من المتحولين جنسيًا والمثليين الذين قدموا من دول مختلفة، أبرزها إيران، وقدر عدد المشاركين في الفعالية حينها بمئات الآلاف.

كما أنه في عهد أردوغان تشهد اسطنبول ومعها المدن التركية الأخرى مسيرات خاصة بما يسمى عيد الفخر للمثليين والمتحولين جنسياً، ويشارك فيها مئات الآلاف بمن فيهم قيادات وأعضاء في حزب العدالة والتنمية الحاكم ذي التوجه الإسلامي.

وفي عهد أردوغان وحزبه الإسلامي استطاع المثليون والشواذ الحصول على الكثير من الامتيازات والدعم، فقد وافقت السلطات التركية على إصدار أول مجلة خاصة بالمثليين جنسياً فى البلاد تحت اسم "مجلة جاي ماج".
وقد صدر أول عدد من مجلة المثليين في تركيا في 5 أغسطس 2014 برئاسة تحرير الصحفي "أمير أقجون"، حيث صدر العدد الأول من المجلة تحت عنوان "رويدًا رويدًا سنكسر.. نحرق كل الحواجز والصعوبات"، في إشارة إلى عزم المثليين والشواذ الحصول -في زمن حكم أردوغان وحزبه- على ما يصفونها بحقوقهم.

وفي 19 يونيو 2016 والذي تصادف مع أيام شهر رمضان المبارك، أقام أردوغان حفل إفطار رمضاني دعا إليه عدداً من الفنانين والسياسيين والرياضيين، لكن اللافت في الأمر أن ”متحولة جنسياً” كانت على رأس المدعوين، وهي المغنية والممثلة الشهيرة، بولينت إرسوي، المعروفة باسم مستعار "Diva" البالغة 64 عاماً من العمر والتي تحولت من رجل إلى امرأة في الثمانينات.

في عهد أردوغان حصل الشواذ والمثليون جنسياً على امتيازات قانونية غير مسبوقة، فقد أصدرت المحكمة الدستورية التركية قرارًا يسمح للمثليين بالبحث عن زبائن في الشوارع والطرقات، كما أن المحكمة أصدرت حكماً آخر ينص على أن أي إشارة للمثليين بأنهم "منحرفون" تمثل خطاب كراهية، كما أن النشاط الجنسي المثلي بين بالغين بالتراضي لا يعتبر جريمة في تركيا، حيث إن القانون التركي حدد السن القانوني للممارسة الجنسية لكلا المغايرين والمثليين بــ 18 عاماً.

ولا نستغرب أن تركيا وتحت ظلال الحكم الإسلامي لخليفة المسلمين رجب طيب أردوغان، هي الدولة الوحيدة في العالم التي بها نقابة للعاملين بمهنة الدعارة، حيث أنشئت النقابة والمعروفة باسم ”نقابة الشمسية الحمراء” في العام 2013 وبدعم من أردوغان وحزبه.

تبدو لغة الأرقام مفزعة جداً حين نتحدث عن المثلية الجنسية في تركيا في ظل حكم ”خليفة المسلمين” رجب طيب أردوغان، ويكفي أن نعرف أن عدد المتحولين جنسيًا وصل في تركيا إلى نحو 3 ملايين مثلي، كما أن تركيا تحتل المرتبة الثانية عالمياً في الإقرار بحقوق المثليين، بعد ألبانيا.

يشار إلى أنه في فترة حكم حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان سنت القوانين الخاصة بالدعارة، وأصبحت الدعارة مقننة وفقاً للمادة 227 من قانون رقم 5237، والذي يبيح مزاولة مهنة الدعارة وفتح بيوت الدعارة، ما ساهم في ازدهار هذه المهنة التي وصل عدد العاملين بها في تركيا إلى 300 ألف شخص، أي أن عدد النساء اللاتي يمارسن الدعارة قد تزايد بنسبة 1680% خلال فترة حكم أردوغان، وباتت مهنة الدعارة مصدراً هاماً من مصادر الاقتصاد التركي، حيث تدر هذه المهنة على اقتصاد الدولة ما بين 4 - 6 مليارات دولار سنوياً.

مواقف أردوغان الذي يتنكر لأخلاقيات وتعاليم الإسلام والداعمة للدعارة وللمثلية الجنسية، تأتي رغبة منه في التقرب من الدول الأوروبية بهدف دخول تركيا في عضوية الاتحاد الأوروبي، وهو ما يثبت أن شعاراته الإسلامية التي يطلقها بين الحين والآخر ليست سوى استغلال للدين في سبيل تحقيق مصالح سياسية لا أكثر، وهو النهج الذي تنتهجه الأحزاب الدينية -والإسلامية على وجه الخصوص- حول العالم.

والأغرب من ذلك هو تعامل جماعة الإخوان المسلمين في الوطن العربي مع سلوكيات أردوغان الذي يصفونه بخليفة المسلمين، حيث إن تبريرهم حيناً وتغاضيهم أحياناً أخرى عن سلوكيات أردوغان المعادية للإسلام ولقيم الفطرة السوية، تكشف حجم الانتهازية السياسية التي ينتهجها أعضاء الجماعة، ويؤكدون بما لا يدع مجالاً للشك أنهم -وهم يرفعون شعار الإسلام هو الحل- يستخدمون الدين كوسيلة لتحقيق مشروعهم السياسي المتمثل بالوصول إلى الحكم والسيطرة عليه.